الاثنين، 5 أكتوبر 2009

أحزان ليلة ممطرة


السقف ينزف فوق رأسي

والجدار يئن من هول المطر

وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر !

في الوجه أطياف من الماضي

وفي العينين نامت كل أشباح السهر

والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ

لكنه كل العمر ..

لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي

والأماني غائمات في البصر

وهناك في الركن البعيد لفافة

فيها دعاء من أبي

تعويذة من قلب أمي لم يباركها القدر

دعواتها كانت بطول العمر والزمن العنيد المنتصر

أنا ماحزنت على سنين العمر طال العمر عندي .. أم قصر

لكن أحزاني على الوطن الجريح

وصرخة الحلم البريء المنكسر

...

فالماء أغرق غرفتي

وأنا غريب في بلاد الله

أدمنت الشواطيء والمنافي والسفر

كم كنت أبني كل يوم ألف قصر

فوق أوراق الشجر ..

كم كنت أزرع ألف بستان

على وجه القمر ..

كم كنت ألقي فوق موج الريح أجنحتي

وأرحل في أغاريد السحر

منذ انشطرت على جدار الحزن

ضاع القلب مني .. وانشطر ..

ورأيت أشلائي دموعا في عيون الشمس

تسقط بين أحزان النهر

وغدوت أنهاراً من الكلمات

في صمت الليالي .. تنهمر

قد كنت في يوم بريء الوجه

زار الخوف قلبي فانتحر

وحدائقي الخضراء ما عادت تغني

مثلما كانت ...

وصوتي كان في يوم عنيدا وانكسر

****

ولدي من عمري

وذكرى الأمس بعض من صور

فلتنظري صوري فإن الأمس أحيانا

يكون عزاء يوم ... يحتضر

هل تسمحين

بأن ينام على جفونك لحظة

طفل يطارده الخطر..

هل تسمحين

لمن أضاع العمر أسفاراً

بأن يرتاح يوماً ..

بين أحضان الزهر ...

اني لأفزع كلما جاءت

خيول الليل نحوي ..

يحتويني الهم .. يخنقني الضجر

اعتدت أن تعوى كلاب الصيد

في قدمي ... تحاصرني .... وتعبث في عيوني

كلما الجلاد في سفه .. أمر

اني أخاف على ثيابك من ثيابي

كلما أرجوه بعض الأمن ..

.. عطراً ... دندنات من وتر

****

لا تخجلي إن كان عندك بعض أصحاب

وجئت بثوبي العاري ببابك انتظر

لكنه حزن الصقيع ...

ووحشة الغرباء في ليل المطر

فالناس حولي يهرعون

وفي ثيابي نهر ماء

في عيوني بحر دمع

بين أعماقي حجر ..

وأريد صدراً لا يساومني على عمري

ولا يأسى على ماض عبر

فالعري أعرفه

وأعرف أن مثلي

في زمان الرق مطلوب

وأن الحرص لن يجدي

ولن يغني الحذر ...

****

اني سأرحل عندما يأتي قطار قطار الليل

لا تبكي لأجلي....

لا تلومي الحظ إن يوماً غدر

فأنا وحيد في في ليالي البرد

حتى الحزن صادقني زماناً

ثم في سأم .. هجر

إني أحبك ..

رغم أن الحب سلطان عظيم

عاش مطرودا

وكم داسته أقدام البشر

إني أحبك ..

فاتركيني الآن في عينيك أغفو

إن خلف الباب أحزان وعمر ينتحر

كل العصافير الجميلة أعدموها

فوق أغصان الشجر

كل الخفافيش الكئيبة

تملأ الشطئآن ..

تعبث فوق أشلاء النهر

***

لا تحزني ...

إن الزمان الراكع المهزوم لن يبقى

ولن تبقى خفافيش الحفر..

فغداً تصيح الأرض .. فالطوفان آت

والبراكين التي سجنت أراها تنفجر..

والصبح هذا الزائر المنفي من وطني

يطل الآن .. يجري .. ينتشر ..

وغداً أحبك مثلما يوم حلمت ...

بدون خوف ...

أو سجون ...

أو مطر ...

و يضيع العمر


يا رفيقَ الدَّرب

تاه الدَّرْبُ منّا .. في الضباب

يا رفيقَ العمر

ضاعَ العمرُ .. وانتحرَ الشباب

آهِ من أيّامنا الحيرى

توارتْ .. في التراب

آهِ من آمالِنا الحمقى

تلاشتْ كالسراب

يا رفيقَ الدَّرْب

ما أقسى الليالي

عذّبتنا ..

حَطَّمَتْ فينا الأماني

مَزَّقَتْنا

ويحَ أقداري

لماذا .. جَمَّعَتنا

في مولدِ الأشواق

ليتها في مولدِ الأشواقِ كانتْ فَرّقَتْنا

لا تسلني يا رفيقي

كيف تاهَ الدربُ .. مِنَّا

نحن في الدنيا حيارى

إنْ رضينا .. أم أَبَيْنَا

حبّنا نحياه يوماً

وغداً .. لا ندرِ أينَ !!

لا تلمني إن جعلتُ العمرَ

أوتاراً .. تُغنّي

أو أتيتُ الروضَ

منطلقَ التمنّي

فأنا بالشعرِ أحيا كالغديرِ المطمئنِّ

إنما الشعرُ حياتي ووجودي .. والتمنّي

هل ترى في العمر شيئاً

غير أيامٍ قليلة

تتوارى في الليالي

مثل أزهارِ الخميلة

لا تكنْ كالزهرِ

في الطُّرُقَاتِ .. يُلقيه البشر

مثلما تُلقي الليالي

عُمْرَنا .. بين الحُفَر

فكلانا يا رفيقي

من هوايات القَدَر

يا رفيقَ الدَّرْب

تاهَ الدربُ مني

رغمَ جُرحي

رغمَ جُرحي ..

سأغنّي

أحزانى تكذب يا قلبى




احزاني تكذب يا قلبي
ما عدت أصدق أحزاني
قالت: ستسير وتتركني
كالناس أردد ألحاني
وأعود لشعري عصفورا
بالحب يسافر وجداني
والدمع الحائر يتركني
والزمن الظالم ينساني
والحب يعود ويظللني
يرعى الأحلام ويرعاني
لكن الحزن يطاردني
غيرت كثيرا عنواني
وبطاقة أسفاري شاخت
مزقها ليل الأحزان
يعرفني حزني يعرفني
ما أثقل حزن الإنسان
ما أقسى أن يولد أمل
ويموت بيأس الأحزان
ما أصعب أن نرضع حلما
يوما من ثدي البركان
فالنار تطارد أحلامي
من يخنق صوت النيران؟
من يأخذ من حزني عهدا
أن يترك يوما شطآني
أحزاني تكذب يا قلبي
ما عدت أصدق أحزاني
هربت لعلي أخدعها
فوجدت لديها عنواني
__________________

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

الرحيل



تعالى نودع طيف الأمانى

ونسدل يوما .. عليها الستار

يعز على رحيل الشموس

ويحزن قلبى لموت النهار

ولكنه الدهر يقسو علينا

ويخنق فينا الأمانى الصغار

تعالى نلملم أشلاء عمر

ونطوى حكايا .. الليالى القصار

قضينا مع الحب عمرا جميلا

وفى اخر الدرب لاح الجدار

لماذا تعربد فينا الأمانى

ويخدعنا وجهها المستعار ؟

لماذا نسافر خلف النجوم

ونحن نراها تضل المسار

هو الحب مهما حملناه طفلا

و مهما طغى فى دمانا و جار

سيغدو مع البعد كهلا حزينا

يخلف فينا الأسى والدمار

أراك ارتعاشة حلم لقيط

يطوف على الناس فى كل دار

فمن أين يأتى لعينيك ضوء

و كل الذى فى الحنايا انكسار ؟

و من أين يأتى الزمان الجميل

وكل الذى فى يدينا انتظار؟

فلا تعجبى من ثلوج الشتاء

تغطى قلوب كساها الغبار

ولا تحزنى ان أتانا الصقيع

ولا تسألى العمر كيف استدار

لقد كنت صبحا سرى فى الضلوع

فبعضك نور .. وبعضك نار


عم فرج

عمي فرج
أنا من سنين لم أره
لكن شيئاً ظل في قلبي زماناً يذكره
عمي فرج ... رجل بسيط الحال
لم يعرف من الأيام شيئ غير صمت المتعبين
كنا إذا اشتدت رياح الشرك بين يديه نلتمس اليقين
كنا إذا غابت خيوط الشمس عن عينيه
شيئ في جوانحنا يضل و يستكين
كنا إذا حامت على الأيام أسراب
من اليأس الجَسور نراه كنز الحالمين
كم كان يمسك ذقنه البيضاء في ألم
و ينظر في حقول القمح
و الفئران تسكر من دماء الكادحين
عمي فرج ... يوما تقلب فوق ظهر الحزن
أخرج صفحة صفراء إعلانا بطول الأرض
يطلب في "بلاد النفط" بعض العاملين
همس الحزين و قال في ألم :أسافر .. كيف يا الله
أحتمل البعاد عن البنية و البنين؟
لم لا أحج .. فهل أموت و لا أرى خير البرية أجمعين
لم لا أسافر ... كلها أوطاننا
ولأننا في الهم شرق... بيننا نسب و دين
لكنه و طني الذي أدمى فؤادي من سنين
ما عاد يذكرني ... نساني
كل شيء فيك يا مصر الحبيبة سوف ينسى بعد حين
أنا لست أول عاشق نسيته هذي الأرض
كم نسيت ألوف العاشقين
عمي فرج ... قد حان ميعاد الرجوع إلى الوطن
الكل يصرخ فوق أضواء السفينة
كلما اقتربت خيوط الضوء عاودنا الشجن
أهواك يا وطني
فلا الأحزان أنستني هواك و لا الزمن
عمي فرج
وضع القميص عل يديه وصاح: يا أحباب لا تتعجبوا
إني اشم عبير ماء النيل فوق الباخرة
هيا احملوا عيني على كفي
أكاد الآن ألمح كل مئذنة
تطوف على رحاب القاهرة
هيا احملوني كي أرى وجه الوطن
دوت وراء الأفق فرقعة أطاحت بالقلوب المستكينة
الماء يفتح ألف باب و الظلام يدق أرجاء السفينة
غاصت جموع العائدين تناثرت في الليل صيحات حزينة
عمي فرج ... قد قام يصرخ تحت أشلاء السفينة
رجل عجوز في خريف العمر من منكم يعينه
رجل عجوز .. أه يا وطني
امد يدي نحوك ثم يقطعها الظلام
وأظل اصرخ فيك ... انقذنا حرام
و تسابق الموت الجبان
و اسودت الدنيا و قام الموت يروي قصة البسطاء
في زمن التخاذل و التنطع و الهوان
و سحابة الموت الكئيب تلف أرجاء المكان
عمي فرج ... بين الضحايا كان يغمض عينيه
و الموج يحفر قبره بين الشعاب
و على يديه تطل مسبحة ويهمس في عتاب
الآن يا وطني أعود اليك توصد في عيوني كل باب
لم ضقت يا وطني بنا
قد كان حلمي أن يزول الهم عني ... عند بابك
قد كان حلمي أن أرى قبري على أعتابك
الملح كفَّنَني و كان الموج أرحم من عذابك
و رجعت كي أرتاح يوما في رحابك
و بخلت يا و طني بقبر يحويني في ترابك
فبخلت يوما بالسكن
و الآن تبخل بالكفن
ماذا أصابك يا و طن؟

لا أنت أنت و لا الزمان هو الزمان



أنفاسنا
فى الأفق حائرة ..
تفتش عن مكان
جثث السنين تنام بين ضلوعنا
فأشم رائحة لشىء مات فى قلبى
و تسقط دمعتان
فالعطر عطرك و المكان ... هو المكان
لكن شيئا قد تكسر بيننا
لا أنت أنت ..
و لا الزمان هو الزمان

عيناك هاربتان من ثأر قديم
فى الوجه سرداب عميق
و تلال أحزان و حلم زائف
و دموع قنديل يفتش عن بريق
عيناك كالتمثال
يروى قصة عبرت
و لا يدرى الكلام
و على شواطئها بقايا من حطام
فالحلم سافر من سنين
و الشاطىء المسكين
ينتظر المسافر أن يعود
و شواطىء الأحلام قد سئمت
كهوف الإنتظار
الشاطىء المسكين يشعر بالدوار

لا تسألينى ..
كيف ضاع الحب منا
فى الطريق
يأتى إلينا الحب
لا ندرى لماذا جاء
قد يمضى
و يتركنا رمادا من حريق
فالحب أمواج و شطآن
و أعشاب ..
و رائحة تفوح من الغريق

العطر عطرك
و المكان هو المكان
و اللحن نفس اللحن
أسكرنا و عربد فى جوانحنا
فذابت مهجتان
لكن شيئا
شيئا من رحيق الأمس ضاع
حلم تراجع !
توبة فسدت !
ضمير مات !
ليل فى دروب اليأس يلتهم الشعاع
الحب فى أعماقنا
طفل تشرد كالضياع
نحيا الوداع و لم نكن
يوما نفكر فى الوداع
ماذا يفيد
إذا قضينا العمر أصناما
يحاصرنا مكان
لم لا نقول أمام كل الناس ضل الرهبان
لم لا نقول حبيبتى
قد مات الحب فينا .. العاشقان
فالعطر عطرك
و المكان هو المكان
لكننى ..
ما عدت أشعر فى ربوعك بالأمان
شىء تكسر بيننا
لا أنت انت
و لا الزمان هو الزمان